9‏/11‏/2014

الامراض المشتركة والتي تنتقل عن طريق اللحوم



بسم الله الرحمن الرحيم



الأمراض المشتركة المنقولة بواسطة اللحوم ، مسبباتها وأهم سماتها.

هناك أمثلة عديدة يصعب حصرها من الأمراض التي يمكن أن تنتقل إلى الإنسان عن طريق لحوم الحيوانات المصابة أو الملوثة بالكائنات الممرضة. وسوف نتناول بإيجاز سمات بعض هذه الأمراض وأعراضها الرئيسة.

أ)  الأمراض البكتيرية:

تشكل الأمراض البكتيرية النسبة الأكبر من الأمراض المشتركة التي قد تنتقل إلي الإنسان عن طريق اللحوم، فضلا ً عن كثير من أنواع البكتريا التي مصدرها الإنسان أو البيئة والتي تؤدى إلى تلوث الغذاء.

ومن الأمراض المشتركة البكتيرية التي يمكن الإصابة بها عن طريق اللحوم ما يلي:

١) الايشريكيا القولونية العترة (Escherichia coli 0571:H7):
تعيش بعض سلالات الايشريكيا القولونية بشكل طبيعي في أمعاء الإنسان والحيوان. ولكن توجد بعض العتر من هذه البكتريا تسبب النزلات المعوية والإسهال، خصوصا ً بين الأطفال بسبب تلوث الغذاء. وقدأصبحت العترة 0571H:H7 في الآونة الأخيرة من أهم العتر المنقولة بواسطة اللحوم.

٢)  مرض اللسترية:
هو مرض معدي للإنسان والحيوان تسببه بكتريا تسمى Listeria monocytogenes التي تسبب مرض الدوران في الحيوانات، ويعتبر هذا المرض أكثر الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان انتشارا ً في العالم، تنتشر في التربة والمياه وأعلاف الحيوانات الخ. وكثيرا ً ما تحملها الحيوانات دون أن تظهر عليها أعراض مرضية. ويسهل تلوث اللحوم والألبان بهذه البكتريا.

٣)  عدوي سالمونيلا (Salmonellosis):
عزل الميكروب لأول مرة من البقر والغنم والدواجن واكتسب مقاومة شديدة لمعظم المضادات الحيوية حتى أصبحت السيطرة عليه صعبة، وهو ينتقل إلي الإنسان عن طريق الأغذية الملوثة وغير المطبوخة جيدا ً، بما في ذلك مختلف أنواع اللحوم والتي غالبا ً ما تتلوث بالميكروب في المسالخ. وقد ارتفعت معدلات الإصابة به بدرجة كبيرة في السنوات الماضية. أما النوع المسمي السالمونيلا الملهبة للأمعاء فهو من أهم أسباب مرض سالمونيلا في الإنسان وينتقل أساسا ً عن طريق لحوم الدواجن وبيضها، ولكنه ينتقل أيضا ً بواسطة اللحوم الأخري غير جيدة الطهي.

٤) عدوي البروسيلا (الإجهاض المعدي، الحمي المالطية) :
تشمل مسببات هذا المرض أكثر من نوع من أنواع البكتريا التابعة لجنس بروسيلا (مثل البروسيلا المجهضة والبروسيلا المالطية وغيرهم) والمرض سائد في معظم أنحاء العالم ويعتبر واحدا َ من أهم الأمراض المشتركة، وهو موجود بكثرة في المملكة العربية السعودية. ورغم أن العدوي في الإنسان تتم غالبا ً عن طريق تناول الحليب ومشتقاته غير المبسترة (وأحيانا ً بالاستنشاق) إلا أنها قد تنتقل أيضا ً عن طريق الجروح الجلدية عند تقطيع لحوم الحيوانات المصابة، وكذلك عن طريق أكل اللحوم النيئة لهذه الحيوانات.

٥) السل البقري:
يسبب هذا المرض بكتريا السل البقري، وهي تختلف عن النوع المسبب للسل البشري ولكنها قريبة جدا ً منه. ورغم أن البقر هو العائل الرئيس لبكتريا السل البقري إلا أن العدوي تنتقل إلى الإنسان وإلى مختلف أنواع الحيوانات الأخرى وتنتقل العدوى إلي الإنسان بعدة طرق وهي :
الاستنشاق ، وشرب الحليب غير المبستر لحيوان مصاب ، وأكل اللحوم النيئة او غير جيدة الطبخ من الحيوانات المصابة، أو التعرض للعدوي أثناء التعامل مع الذبائح المصابة وتجهيزها.

٦) الحمي الفحمية (الجمرة الخبيثة Bacillus anthracis):
 يتسبب هذا المرض عن العدوي بأبواغ البكتريا المسماة العصوية الجمرية ، توجد في التربة في أرجاء العالم، خصوصا ً في المناطق الريفية. وتسبب العدوي غالبا ً مرضا ً بالغ الحدة يفضي إلى الموت السريع والمفاجئ في الحيوانات المجترة.
 تنتقل العدوى إلى الإنسان عن طريق الجلد والاستنشاق والفم وبالتالي يتخذ المرض في الإنسان أشكالا َ ثلاثة: 

  • النوع الجلدي (أو الجمرة الخبيثة كما تسمي وهو النوع السائد )٩٥% من الحالات( ويشاهد بين الرعاة وعمال المسالخ وخلافهم، 
  • والنوع الرئوي (ويسمي أيضا َ مرض جامعي القمامة أو مرض فرازي الصوف ) وهو نادر وقاتل، يشاهد خصوصا ً بين فرازي الصوف وعمال المدابغ وجامعي القمامة،
  • والنوع المعوي وهو الأكثر ندرة والأشد فتكا ً، وهذا النوع الأخير هو الذي يحدث نتيجة أكل لحوم الحيوانات المصابة.

ب ) الأمراض الفيروسية:

١) فيروس التهاب الكبد من نوع هـ (Hepatitis E virus):
يسبب هذا الفيروس التهابا ً كبديا ً ومعويا ً في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، وينتقل أساسا ً بواسطة المياه والأغذية الملوثة ولكن الأجسام المضادة لهذا الفيروس وجدت في أمصال بعض الحيوانات الزراعية، مما يشير الي احتمال بروز ذلك الفيروس كأحد الأمراض المشتركة المهمة المنقولة بواسطة إفراز الحيوانات ولحومها.

٢) حمي وادي الصدع أو المتصدع:
من الأمراض الفيروسية المشتركة المهمة جدا َ. ينتقل بواسطة البعوض ويسبب وفيات عالية في الحملان حديثة الولادة وإجهاض في النعاج والبقرات الحوامل، كما ينتقل إلي الإنسان مسببا ً إصابات عديدة، معظمها تشبه الأنفلونزا. ولكن نسبة من الإصابات تسبب حمي نزفية والتهابات ونزف بالدماغ وشبكية العين وغير ذلك من الأعراض الشديدة،. وقد يساعد تبريد اللحوم لفترة كافية وطبخها في القضاء علي الفيروس في اللحوم.

ح) أمراض الطفيليات( الديدان الطفيلية ):

تضم هذه الديدان مجموعة كبيرة من الديدان المفلطحة والديدان الأسطوانية، وأهمها:

  • الديدان الشريطية: 
وتشمل شريطية لحم البقر: تسمى الشريطية العزلاء، ويعيش طورها البالغ في أمعاء الإنسان والوسطي في لحم البقر. وهي موجودة في جميع أنحاء العالم. وغالبا ً ما توجد دودة واحدة فقط في أمعاء الإنسان، لذا سميت بالدودة الوحيدة، ولكن هذه الدودة الوحيدة تفرز أكثر من مليون بيضة يوميا ً في براز الشخص المصاب. وتحدث العدوى في الإنسان نتيجة ابتلاع الطور اليرقي (الدودة المثانية) المتواجد في لحوم البقر النيئة - أو غير المطهو جيدا كما تنتشر بواسطة البسطرمة أحيانا ً. وتسبب الإصابة غالبا ً أعراضا ً مرضية طفيفة. 

  • الديدان الأسطوانية: 
ومنها: (دودة القَدْ Cod Fis) وهي ديدان تستخدم القشريات كعوائل وسطية أولية والأسماك البحرية، وخصوصا ً سمكة القد والرنجة، كعوائل وسطيه ثانية، بينما تستخدم الثدييات البحرية كعوائل نهائية. وتحدث الإصابة في الأسماك بسبب التهامها للقشريات. ثم يتحوصل الطور اليرقي الثاني لهذه الديدان في أنسجة السمكة وعضلاتها. ويصاب العائل النهائي عن طريق أكل هذه الأسماك وابتلاع اليرقات المتحوصلة في لحومها. العدوى كثيرا ً ما تنتقل إلي الإنسان عن طريق لحوم الأسماك النيئة أو غير جيدة الطهي، وكذا الأسماك المخللة أو المملحة.

يتضح مما سبق إن العديد من أمراض الحيوان تنتقل إلي الإنسان عن طريق اللحوم، وأن هنالك عوامل كثيرة ومتشابكة فيما يتعلق بانتشار هذه الأمراض وسماتها الوبائية وبالتالي فإن السيطرة عليها والحد من آثارها تحتم تضافر جهود العاملين في مختلف المجالات الطبية والبيطرية والاجتماعية والإرشادية ومجالات صناعة الغذاء وحفظه وتعبئته وتجارته. فالحد من هذه الأمراض يبدأ من المزرعة إلي أسواق الماشية أو السمك والمسالخ ومعامل اللحوم ومصانع تعبئة الغذاء ومحلات بيع اللحوم والمطاعم بل وحتى داخل المنزل سواء في المطبخ أو ومن خلال عادات الناس وطبائعهم وعاداتهم الغذائية وأسفارهم وهواياتهم. ومن المؤكد أن هذه العوامل مجتمعة تمثل عبئا ً كبيرا ً على عواتق المسئولين عن سلامة الغذاء والصحة العامة. ولا بد من التأكيد بصفة خاصة علي ضرورة سلامة اللحوم المذبوحة. وقد تغيرت كثير من المفاهيم المتعلقة بالتفتيش على اللحوم في ضوء الزيادة المضطردة في نسبة انتشار الأمراض المشتركة وبروز أمراض جديدة أو أمراض لم تكن لافتة للنظر في السابق. وبالتالي فقد زادت الحاجة إلي حماية المستهلكين وانضباط تداول اللحوم الطازجة ونقلها وتسويقها.


المصدر:
برنامج تدريب عملي لمراقبي صحة اللحوم ١٤٢٦هـ
ادارة المسالخ
الإدارة العامة لصحة البيئة
جامعة الملك سعود