د./ شعبان خلف الله
مقدمة لقد شهدت صناعة الدواجن في هذا العصر تطورا كبيرا في مختلف المجالات ومازالت هذه الصناعة الرائدة تشهد كل يوم مزيدا من التقدم والنمو المطرد نتيجة لتطبيق الوسائل التقنية الحديثة من اجل زيادة الإنتاج وتحسين الظروف المعيشية والصحية للطيور. وقد ازداد الاهتمام بصناعة الدواجن بدرجة كبيرة في البلاد العربية خلال السنوات الأخيرة مما أسهم بدرجة كبيرة في تقليل الفجوة في النقص الغذائي بل وأوشك أن يحقق اكتفاءً ذاتياً في بعض الدول العربية، مما أسهم في تحقيق أرباح مادية وزيادة في فرص العمل. غير أن تربية الدواجن بالطرق المكثفة وبالتالي حصرها بأعداد كبيره يتطلب مستوى عاليا من الرعاية لهذه الطيور لحمايتها من الأوبئة الفتاكة والأمراض الأخرى التي تؤثر على نموها وتكاثرها وإنتاجيتها مما يحتم بدوره إلماما جيداً بالإجراءات الصحية ومعرفة الأمراض المختلفة من حيث خصائصها ومسبباتها والعوامل المهيئة لها وطرق رصدها وتشخيصها ومكافحتها.
تعريف الأمراض السارية (الأمراض المعدية):
قامت منظمة الصحة العالمية بتعريف الأمراض السارية بأنها الأمراض التي تنتج من العدوى بعامل مسبب للمرض يمكن انتقاله من حيوان أو طائر لآخر أو من الحيوانات والطيور للإنسان أو من البيئة للحيوانات للطيور بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
مسببات أمراض الحيوان والدواجن:
تنقسم المسببات المباشرة للأمراض إلى قسمين هما المسببات الحية والمسببات غير الحية :
1- المسببات الحية :
وهي الكائنات التي تسبب حدوث الأمراض وأنواعها المختلفة, وهى المسئولة عن معظم الأمراض التي تحدث في الدواجن
أ- الفيروسات :
الفيروسات هي عبارة عن جزيئات بالغة الدقة والتي تحمل الصفات الوراثية التي تمكنها من التكرار, ولكنها لا تملك المقاومات اللازمة للتكاثر أو إنتاج الطاقة تلقائيا ولذلك فأنها لا تتكاثر إلا داخل الخلايا الحية. وتحتوى الجزيئات الفيروسية على نوع واحد من الحمض النووي (DNA) أو (RNA), ونظرا لصغرها المتناهي فان الفيروسات لا يمكن مشاهدتها إلا بواسطة المجهر الإلكتروني وعندما تظهر بأشكال محددة. ويتم تشخيص الفيروسات في اغلب الأحيان بالاختبارات المصلية أو المناعية, أو بعزلها في المنابت النسيجية أو بحقنها ودراسة تأثيرها على الأنسجة الحية الأخرى كحيوانات التجارب والبيض المخصب وأغشية الجنين ... الخ. وتسبب الفيروسات كثيرا من الأمراض بالدواجن منها بعض الأمراض عالية الخطورة مثل أنفلونزا الطيور والنيوكاسيل وغيرها. وتعتبر الفيروسات - باستثناء القليل منها - ضعيفة المقاومة للمواد الكيماوية والمطهرات والحرارة وعوامل الجفاف.
ب- البكتيريا:
وهي كائنات حية متناهية الصغر لا تري إلا بواسطة المجهر الضوئي. تنقسم البكتيريا إلي نوعيين رئيسيين تبعاً لقدرتها علي الاصطباغ بصبغة الجرام إلي بكتيريا موجبة وسالبة الصبغة للجرام مثل السالمونيلا.
جـ الفطريات:
وهي كائنات حية تسبب أنواعاً معينة من الأمراض مثل مرض الأسبريجيلاس والأكتينومايسيز .... الخ.
د- الطفيليات:
كائنات حية كثير منها يمكن مشاهدته بالعين المجردة مثل الديدان وبعضها لا يري إلا تحت المجهر, منها طفيليات الدم والطفيليات الداخلية (الديدان) والخارجية.
أمثلة من الطفيليات التي تصيب الطيور طفيل الكوكسيديا والديدان (الهيتراكس جاليني والهتراكس جاليرينام) والطفيليات الخارجية مثل القراد (الفاش).
2- مسببات غير حية:
- مثل النقص في أحد المكونات الغذائية الذي يؤدي إلي حدوث أمراض نقص التغذية.
- عوامل وراثية.
- -عوامل بيئية (برودة-حرارة .... الخ).
- ملوثات.
العوامل المهيئة للأمراض (predisposing factors):
علاوة على المسببات المباشرة للمرض, فانه توجد عوامل أخرى عديدة غير مباشرة تزيد من استعداد الحيوانات والطيور وتمهد لإصابتها بالأمراض أو تؤثر على سير المرض ونتائجه وتسمى هذه العوامل بالعوامل المهيئة ومعرفة هذه العوامل المختلفة ضرورية حيث أنها تنعكس سلبا أو إيجابا على الحيوانات للطائر مما يؤثر على قابليتها للعدوى وقدرتها على تحمل المرض فإذا كان الطائر خاليا من العيوب الوراثية وتوافرت له من البداية رعاية سليمة وتغذيه متزنة وبيئة صالحة نشأ سليم التكوين وأكثر قدرة على المقاومة ولذا يلاحظ في كثير من الأحيان أن ضعف إنتاجيه الطيور البالغة يرجع لبعض المشكلات التي تعرضت لها أثناء فترة التربية ومن هذه العوامل :
- العوامل الوراثية مثل الأمراض والعيوب الوراثية.
- الظروف البيئية غير المواتية تسبب عديد من المشكلات في المزارع فالازدحام مثلا يعرض الحيوانات والطيور للإجهاد ويقلل من قدرتها على ضبط حرارة الجسم مما يسبب الإجهاد الحراري كما يحد من قدرة الطيور على الحركة والانتشار السليم في العنابر مما يعوقها أو يمنعها من الوصول إلى الطعام وماء الشرب وبالتالي يتعثر نموها وتقل إنتاجيتها وتضعف مقاومتها وتزداد فرصة انتشار الأمراض بينها أما سوء التهوية فيجعل هواء الحظيرة ساخنا ورطبا ومملوءا بالغبار مما يسبب الإجهاد والاحتقان الحراري ويقلل من شهية الطيور وحيويتها وإنتاجيتها كما يقلل من قدرتها على تحمل التقلبات الجوية ويهيئها للإصابة بالأمراض وخاصة أمراض الجهاز التنفسي.
- الملوثات: يؤدى عدم تجدد الهواء في الحظائر إلى تراكم الملوثات الغازية مثل زيادة غاز الأمونيا وزيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون وبعض الغازات الأخرى الضارة بالحيوانات والطيور. وتساعد كل تلك العوامل على إضعاف مقاومة والطيور وتجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
- المصطلحات الوبائية الشائعة:
1- العدوى (Infection):
هي دخول ونمو وتكاثر الميكروب في جسم الحيوان أو الطائر وقيام الجسم بالتعامل معه من خلال الجهاز المناعي, وقد يؤدي أو لا يؤدي لحدوث المرض.
2- التلوث Contamination:
هو وجود الميكروب على سطح جسم لا يتفاعل معه مثل سطح الجلد أو الملابس أو الفراش أو الأشياء الأخرى مثل الماء والغذاء والحليب .... الخ.
3- الميكروب المعدي: هو كائن حي قادر على إحداث العدوى. (Infective agent):
4- الأمراض المعدية Infectious diseases :
هي أمراض تظهر إكلينيكياً علي الحيوانات والطيور تنتج عن حدوث العدوى بالميكروبات المعدية.
5- فترة العدوى (Communicable period):
هي الفترة التي يحدث خلالها انتقال العدوى ويكون الميكروب أثناءها قادراً على الانتقال لعائل جديد.
6-المرض المتوطن (Endemic disease):
استمرار تواجد مرض ما داخل منطقة أو مناطق جغرافية نتيجة وجود المسببات المرضية التي تساعد على وجوده داخل تلك المنطقة أو المناطق الجغرافية. أو هو معدل انتشار مرض معين في المنطقة بصورة متوقعة.
مصادر انتقال العدوى (Sources of Infection)
- مصادر العدوى متعددة, ولكل نوع من الأمراض مصادر العدوى الخاصة به والتي تكون أكثر أهمية من مصادر العدوى للأمراض الأخرى في انتقال المسبب المرضي إلي الطيور والحيوانات.
- وتشمل مصادر العدوى الآتي:
- 1- الحيوانات والطيور المصابة بالمرض (Infected animals or birds):
- يشكل الحيوان أو الطائر المصاب بالمرض المصدر الرئيسي لانتقال العدوى إلي الحيوانات والطيور السليمة.
- 2- الحيوانات والطيور الخازنة للميكروبات المسببة للمرض (مستودعات المسببات المرضية) (Reservoirs):
- هناك أنواع من الحيوانات والطيور تقوم باختزان المسببات المرضية في أجسامها ولا تظهر عليها الأعراض الإكلينيكية للمرض, ولكنها تقوم بنقل العدوى إلي الحيوانات والطيور القابلة للإصابة بالمرض.
- 3- الحيوان والطائر الحامل للعدوى (Carriers):
- توجد هناك حيوانات أو طيور تقوم بدور حامل الميكروب المسبب للمرض والتي تقوم بطرح تلك الميكروبات في فضلاتها أو في الإفرازات الخاصة بها حيث تنتقل إلي الحيوانات القابلة لحدوث العدوى, ولا تظهر الأعراض الإكلينيكية للمرض علي الحيوانات والطيور الحاملة لتلك الميكروبات, وهنا تكمن الخطورة في وجود حيوانات وطيور سليمة ظاهرياً ولكنها تحمل المسببات المرضية, ولذلك فلا بد من التعرف على تلك الحيوانات والطيور بالاختبارات التشخيصية واستبعادها من القطيع.
- وتوجد هناك عدة أنواع من حامل المرض منها الحامل في فترة حضانة المرض (Incubating carrier) والحامل في فترة النقاهة (convalescent carrier) وغيرها.
- المرض الوبائي ( Epidemic diseaseُ): وجود المرض بمعدل أكبر من المتوقع..
أنواع انتقال العدوى:
1- الانتقال الأفقي (Horizontal transmission):
يحدث انتقال للمرض من الفرد المصاب إلي فرد آخر في القطيع عن طريق الاحتكاك المباشر (التلامس المباشر) أو الغير مباشر (من خلال الهواء عن طريق السعال والعطس’ أو تناول الماء والغذاء الملوث بفضلات وإفرازات الحيوانات والطيور المصابة ..... الخ).
2- الانتقال الرأسي (Vertical transmission):
انتقال المسببات المرضية رأسياً من الآباء إلي الأبناء (عن طريق البيض في الطيور أو الأجنة في الأمهات الحوامل في الحيوانات). كما أنه يتم انتقال المسببات المرضية رأسياً إلي صغار الحيوانات عن طريق تناول الحليب أثناء الرضاعة.
طرق انتقال العدوى (Mode of transmission):
التصنيف طبقاً لبوابة الدخول :(Classification according to portal of entry)
- الجهاز التنفسي
- الجهاز الهضمي
- الجلد
- الجهاز التناسلي
- الناقل الحشري
1- عن طريق الجهاز التنفسي (respiratory route) (Droplet and dust infection):
يعتبر من أكثر طرق انتقال العدوى انتشاراً لكثير من الأمراض المعدية. عند حدوث السعال أو العطس من الأفراد المصابين بالمرض, فانه يحدث أن تنتقل الميكروبات المحمولة علي قطيرات الرذاذ في الهواء (droplet infection) إلي الأفراد المعرضة للإصابة عن طريق الأنف أو الفم أو العينين حيث تحدث العدوى. وقد تظل قطرات الرذاذ عالقة في الهواء لفترات طويلة تبعاً لحجمها حيث تسقط القطيرات الكبيرة الحجم علي سطح التربة وتسحق وتختلط بالأتربة (dust infection) وتنتقل العدوى عن طريق استنشاق هذه الأتربة والغبار الملوث بالميكروبات المرضية عن طريق الجهاز التنفسي. بينما تظل القطيرات الصغيرة الحجم عالقة في الهواء حيث يتبخر جزء كبير من الماء ويطلق عليها القطيرات النووية (droplet nuclei) وتقوم الرياح بحملها من مكان إلى آخر وتحدث العدوى في أماكن بعيدة عن موطن الإصابة الأصلي. تعتبر العدوى بالقطيرات النووية واحدة من أهم طرق انتقال العدوى وخاصة بين الأمراض الفيروسية المعدية مثل فيروسات الأنفلونزا.
ويمكن تقدير معدل تبخر القطيرات النووية بمعرفة قيم درجات الحرارة والرطوبة داخل عنابر الطيور وحظائر الحيوانات, فكلما انخفضت نسبة الطوبة كلما كان معدل تبخر القطيرات سريعاً مما يسمح لها بأن تبقى عالقة في الهواء ولا تسقط على سطح الأرض. ويساعد وجود الرطوبة بمستويات منخفضة في داخل عنابر الطيور وحظائر الحيوانات في فصل الشتاء على استمرار تواجد القطيرات في صورة قطيرات نووية أكثر صغراً والتي يمكن أن تظل عالقة في الهواء لفترات طويلة.
2- الانتقال عن طريق الجهاز الهضمي (Digestive route) (Oral transmission ):
يحدث انتقال للعدوى عن طريق تناول الماء أو الغذاء الملوث بالبراز أو إفرازات الطيور التي تحتوي على الميكروبات المرضية من الحيوانات المصابة.
3- الانتقال عن طريق الجلد (الانتقال عن طريق التلامس المباشر ) (Direct transmission):
يتم انتقال المرض عن طريق التلامس المباشر مع الطيور والحيوانات المصابة.
4- الانتقال عن طريق الناقل الحشري (Vector borne transmission):
يتم انتقال المرض من خلال بعض أنواع من الحشرات التي لا تسبب حدوث المرض ولكنها تقوم بحمل المسبب المرضي من عائل إلي آخر.
5- الانتقال الجنسي (Sexual transmission):
يتم انتقال المرض عن طريق الاتصال الجنسي المباشر بين الطيور والحيوانات المصابة.
6- الانتقال العرضي (Iatrogenic transmission):
يتم انتقال المرض بصورة عرضية عن طريق تناول العقاقير مثل حقن بعض اللقاحات عن طريق الخطأ.