بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام الأضحية من كتاب ( الشرح الممتع على زاد المستقنع ) للشيخ العلامة الفقيه الوالد محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
أمّا بعد :
فإن هناك أحكام يجدر بالمسلم أن يعرفها ليكن على علم في عبادته وعلى بينة من أمره وها أناذا أتقدم بتلخيص أحكام الأضحية من كتاب (الشرح الممتع على زاد المستقنع) لشيخنا ووالدنا العلامة الفقيه المحقق المدقق محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ورفع منزلته في الدرجات العلى
تعريفها :
حكمها:
في هذا أقوال للعلماء:
المذهب: أنها سنة، ويكره للقادر أن يدعها.
وهي من نعمة الله على الإنسان أن يشرع الله له ما يشارك به أهل موسم الحج؛ لأن أهل الموسم لهم الحج والهدي، وأهل الأمصار لهم الأضحية، ولهذا نجد من فضل الله ورحمته أنه جعل لأهل الأمصار نصيباً مما لأهل المناسك، مثل اجتناب الأخذ من الشعر والظفر في أيام العشر؛ من أجل أن يشارك أهل الأمصار أهل الإحرام بالتعبد لله تعالى بترك الأخذ من هذه الأشياء؛ ولأجل أن يشاركوا أهل الحج بالتقرب إلى الله ـ تعالى ـ بذبح الأضاحي؛ لأنه لولا هذه المشروعية لكان ذبحها بدعة، ولنهي الإنسان عنها، ولكن الله شرعها لهذه المصالح العظيمة.
فالقول بالوجوب أظهر من القول بعدم الوجوب، لكن بشرط القدرة، وأما العاجز الذي ليس عنده إلا مؤنة أهله أوالمدين، فإنه لا تلزمه الأضحية، بل إن كان عليه دين ينبغي له أن يبدأ بالدين قبل الأضحية.
مسألة:
هل الأضحية مشروعة عن الأموات أو عن الأحياء؟
شروط الأضحية:
الأضحية لا بد فيها من شروط وهي:
مسألة
أيهما أفضل؟ الإبل أو البقر أو الغنم؟
تنبيهات وفوائد
2/ فلو سألك سائل هل يجزئ من الغنم ما له ثمانية أشهر؟
الجواب: فيه تفصيل، إن كان من الضأن فنعم، وإن كان من المعز فلا؛ لأنه لا بد أن تكون ثنية.
3/ فإذا قال قائل: هل يكتفى بقول البائع، أو لا بد أن يقول المشتري للبائع ائت بشهود؟
وإذا كان الإنسان نفسه يعرف السن بالاطلاع على أسنانها، أو ما أشبه ذلك فإنه كافٍ.
الشرط الثالث: السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء، وسيأتي بيانها.
الشرط الرابع: أن تكون في وقت الذبح، وسيأتي بيان ذلك.
جنس الأضحية
مسألة :
فالبدنة والبقرة هل تجزئان عن سبعة رجال، أو تجزئان عن سبع شياه؟
مسألة :
هل هناك عوراء غير بيِّن عورها؟
وهذا قياس غريب.
فيقال: هل هذه العمياء معيبة أو غير معيبة؟
الجواب: معيبة بعيب أقبح من العور، وهذا من باب قياس الأولى،فالصواب أن العمياء لا تجزئ.وهذا الثاني
مسألة:
وعدم إجزاء المريضة للنص والمعنى:
فالنص قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «المريضة البين مرضها» .
والمعنى لأن لحم المريضة يخشى على الإنسان من أكله أن يتأثر به.
4ــ الجماء هي التي لم يخلق لها قرن، فتجزئ.
وأيهما أفضل ذات القرن أو الجماء؟
فإذا قال قائل: هل يمكن أن تحيا البهيمة مع الخصاء؟
وعلى كل حال ينبغي أن نقسم العيوب إلى ثلاثة أقسام:
إنّ الحمدَ لله ؛ نحمده ، و نستعينه ، و نستغفره . و نعوذ بالله من شرورِ أنفسنا ، و من سيّئاتِ أعمالنا . مَن يهدِهِ اللهُ فلا مُضلّ له ، و مَن يُضلِل فلا هادي له . و أشهدُ أن لا إله إلاّ الله - وحده لا شريكَ له - ، و أشهدُ أنّ محمّدًا عبده و رسوله .
أمّا بعد :
فإن هناك أحكام يجدر بالمسلم أن يعرفها ليكن على علم في عبادته وعلى بينة من أمره وها أناذا أتقدم بتلخيص أحكام الأضحية من كتاب (الشرح الممتع على زاد المستقنع) لشيخنا ووالدنا العلامة الفقيه المحقق المدقق محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ورفع منزلته في الدرجات العلى
تعريفها :
والأضحية ما يذبح في أيام النحر تقرباً إلى الله ـ عزّ وجل ـ وسميت بذلك؛ لأنها تذبح ضحى، بعد صلاة العيد.
الأضحية سنة، أجمع المسلمون على مشروعيتها، وهي في كل ملة لقول الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34] ، فهي مشروعة في جميع الملل، لكن هل هي واجبة أو سنة يكره تركها، أو سنة لا يكره تركها؟
في هذا أقوال للعلماء:
المذهب: أنها سنة، ويكره للقادر أن يدعها.
القول الثاني: أن الأضحية واجبة، وهو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد ـ رحمهما الله ـ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ حيث قال: إن الظاهر وجوبها، وأن من قدر عليها فلم يفعل فهو آثم؛ لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ذكرها مقرونة بالصلاة في قوله: {فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ *} [الكوثر] ، وفي قوله: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} [الأنعام] ، وأبدى فيها وأعاد بذكر أحكامها وفوائدها ومنافعها في سورة الحج، وشيء هذا شأنه ينبغي أن يكون واجباً وأن يلزم به كل من قدر عليه.
وهي من نعمة الله على الإنسان أن يشرع الله له ما يشارك به أهل موسم الحج؛ لأن أهل الموسم لهم الحج والهدي، وأهل الأمصار لهم الأضحية، ولهذا نجد من فضل الله ورحمته أنه جعل لأهل الأمصار نصيباً مما لأهل المناسك، مثل اجتناب الأخذ من الشعر والظفر في أيام العشر؛ من أجل أن يشارك أهل الأمصار أهل الإحرام بالتعبد لله تعالى بترك الأخذ من هذه الأشياء؛ ولأجل أن يشاركوا أهل الحج بالتقرب إلى الله ـ تعالى ـ بذبح الأضاحي؛ لأنه لولا هذه المشروعية لكان ذبحها بدعة، ولنهي الإنسان عنها، ولكن الله شرعها لهذه المصالح العظيمة.
فالقول بالوجوب أظهر من القول بعدم الوجوب، لكن بشرط القدرة، وأما العاجز الذي ليس عنده إلا مؤنة أهله أوالمدين، فإنه لا تلزمه الأضحية، بل إن كان عليه دين ينبغي له أن يبدأ بالدين قبل الأضحية.
مسألة:
هل الأضحية مشروعة عن الأموات أو عن الأحياء؟
الجواب: مشروعة عن الأحياء، إذ لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا عن الصحابة فيما أعلم أنهم ضحوا عن الأموات استقلالاً، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مات له أولاد من بنين أو بنات في حياته، ومات له زوجات وأقارب يحبهم، ولم يضح عن واحد منهم، فلم يضح عن عمه حمزة ولا عن زوجته خديجة، ولا عن زوجته زينب بنت خزيمة، ولا عن بناته الثلاث، ولا عن أولاده ـ رضي الله عنهم ـ، ولو كان هذا من الأمور المشروعة لبيَّنه الرسول صلّى الله عليه وسلّم في سنته قولاً أو فعلاً، وإنما يضحي الإنسان عنه وعن أهل بيته.
وأما إدخال الميت تبعاً فهذا قد يستدل له بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم «ضحى عنه وعن أهل بيته» ، وأهل بيته يشمل زوجاته اللاتي مِتْنَ واللاتي على قيد الحياة، وكذلك ضحى عن أمته، وفيهم من هو ميت، وفيهم من لم يوجد، لكن الأضحية عليهم استقلالاً لا أعلم لذلك أصلاً في السنة.
ولهذا قال بعض العلماء: إن الأضحية عنهم استقلالاً بدعةينهى عنها، ولكن القول بالبدعة قول صعب؛ لأن أدنى ما نقول فيها: إنها من جنس الصدقة، وقد ثبت جواز الصدقة عن الميت، وإن كانت الأضحية في الواقع لا يراد بها مجرد الصدقة بلحمها، أو الانتفاع به لقول الله تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا} [الحج: 37] ، ولكن أهم شيء فيها هو التقرب إلى الله بالذبح.
شروط الأضحية:
الأضحية لا بد فيها من شروط وهي:
الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم؛ لقول الله تعالى: {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 28] ، فلو ضحى الإنسان بحيوان آخر أغلى منها لم يجزه، لو ضحى بفرس تساوي عشرة آلاف ريال عن شاة تساوي ثلاثمائة ريال لم يجزه.
مسألة
أيهما أفضل؟ الإبل أو البقر أو الغنم؟
قال المؤلف: «أفضلها إبل، ثم بقر، ثم غنم» ، ومراده إن أخرج بعيراً كاملاً فهو أفضل من الشاة، وأما لو أخرج بعيراً عن سبع شياه، فسبع الشياه أفضل من البعير، وعللوا ذلك بأنها أكثر نفعاً، إلا في العقيقة فالشاة أفضل من البعير الكامل؛ لأنها التي وردت بها السنة فتكون أفضل من الإبل.
الشرط الثاني من شروط الأضحية أن تكون قد بلغت السن المعتبرة شرعاً، فإن كانت دونه لم تجزئ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن» ، وخص الضأن دون المعز لأنه أطيب لحماً، فقوله: «لا تذبحوا إلا مسنة» أي ثنية «إلا إن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن» ، فإن كان دون ذلك فإنها لا تجزئ، ولهذا لما قال أبو بردة بن نيار ـ رضي الله عنه ـ: يا رسول الله إن عندي عناقاً هي أحب إلي من شاتين أفتجزئ عني؟ قال: «نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك» ، والعناق الصغيرة من المعز التي لها أربعة أشهر، وهذا يدل على أنه لا بد من بلوغ السن المعتبر شرعاً، واشتراط أن تكون من بهيمة الأنعام، وأن تبلغ السن المعتبر شرعاً يدلنا على أنه ليس المقصود من الأضحية مجرد اللحم، وإلا لأجزأت بالصغير والكبير.
ـ فالسن المعتبر لإجزاء الإبل خمس سنين، فما دون الخمس لا يجزئ أضحية ولا هدياً عند الإطلاق؛ لأن الإبل لا تثني إلا إذا تم لها خمس سنين.
والبقر سنتان، والمعز سنة فلا يجزئ ما دون ذلك ، والضأن نصفها ، أي: نصف سنة أي :ستة أشهر هلالية ولا عبرة بالأشهر غير الهلالية؛ لأن الله يقول: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] »
1/ فلو قال قائل: لو أثنت البعير قبل الخمس والبقرة قبل السنتين، فهل نعتبر الثنية بكونها أثنت أو نعتبر بالسنين؟ نقول هذا شيء نادر، والنادر لا حكم له، وظاهر كلام العلماء ـ رحمهم الله ـ أن العبرة بالسنوات وأن ما تم لها خمس سنين من الإبل فهي ثنية، أو سنتان من البقر فهي ثنية، أو سنة من المعز فهي ثنية، سواء أثنت الثنية أو لا.
الجواب: فيه تفصيل، إن كان من الضأن فنعم، وإن كان من المعز فلا؛ لأنه لا بد أن تكون ثنية.
وذكر بعض العلماء أن من علامات إجزاء الضأن أن ينام الشعر على الظهر؛ لأن الخروف الصغير يكون شعره واقفاً، فإذا بدأ ينام فهذا علامة على أنه صار جذعاً، ولكن هذه ليست علامة مؤكدة، بمعنى أننا نعتبرها هي بل نعتبر التاريخ، فإذا قال: ولد هذا الخروف أول يوم من محرم فإنه يتم ستة أشهر آخر جمادى الثانية.
الجواب: فيه تفصيل: إن كان البائع ثقة فإن قوله مقبول؛ لأن هذا خبر ديني، كالخبر بدخول وقت الصلاة، أو بغروبالشمس في الفطر وما أشبه ذلك، فيقبل فيه خبر الواحد، وإن كان غير ثقة يقول: أقسم بالله أن لها سنة وشهراً يعني المعز، وأتى بالشهر للدلالة على الضبط، وليكون أقرب للتصديق، فإنه لا يصدق لا سيما إذا وجدت قرينة تدل على كذبه كصغر البهيمة.
الشرط الثالث: السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء، وسيأتي بيانها.
الشرط الرابع: أن تكون في وقت الذبح، وسيأتي بيان ذلك.
جنس الأضحية
ـ تجزئ الشاة عن واحد ، أي: يضحي الإنسان بالشاة عن نفسه، وتجزئ من حيث الثواب عنه وعن أهل بيته أيضاً؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان «يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته»
والبدنة والبقرة عن سبعة ممن يضحون، والدليل حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: «نحرنا في عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة»
قوله: «عن سبعة» أي: سبعة رجال، فإذا كان الإنسان يضحي بالواحدة عنه وأهل بيته، فإنه بالسُّبْع يضحي عنه وعن أهل بيته؛ لأن هذا تشريك في الثواب، والتشريك في الثواب لا حصر له، فها هو النبي صلّى الله عليه وسلّم ضحى عن كل أمته، وها هو الرجل يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، ولو كانوا مائة، أما التشريك في الملك فلا يزيد على سبعة، فلو اشترك ثمانية في بعير قلنا: لا يجوز، فلا بد أن يخرج واحد منكم، فإن رضي واحد منهم أن يخرج فهذا هو المطلوب، وإلا فالأخير هو الخارج، فإن لم يعلم الأخير فالقرعة، لكن لو ذبحوها فبانوا ثمانية فماذا يصنعون؟ قيل: يذبحون شاة واحدة لتكمل للثامن، ويحتمل أن يقال: يقترعون فمن خرج بالقرعة خرج وذبح شاة وحده.
الجواب: الثاني، فإذا قلنا بالثاني قلنا: إذا كانت الشاة تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته في الثواب، فكذلك يجزئ سبع البدنة وسبع البقرة عنه وعن أهل بيته.
ــ قد ذكر الشيخ رحمه الله أن من شروط الأضحية أن تكون السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء ومعلوم أن رفع الإجزاء عن البهيمة يحتاج إلى دليل؛ لأن البهيمة إذا توفرت فيها أوصاف القبول فإننا لا نرفع حكم هذه الأوصاف وهو القبول إلا بوجود مانع من الشرع صحيح , وهذه قاعدة قد نص عليها الشيخ ونبه إليها
ثم قال : وقوله: «العوراء والعجفاء والعرجاء والمريضة»، هذه الأربع نص عليها النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فقد سئل ماذا يتقى من الضحايا؟ قال: أربع وأشار بأصابعه العوراء» ، لكن النبي صلّى الله عليه وسلّم قيدها بأنها بينة العور فقال: «العوراء البين عورها» وهذا الأول ، وهي التي تكون عينها ناتئة أو غائرة.
هل هناك عوراء غير بيِّن عورها؟
الجواب: نعم، فلو فرضنا أنها لا تبصر بعينها، ولكن إذا نظرت إلى العين ظننتها سليمة، فهذه عوراء ولم يتبين عورها، فتجزئ، ولكن السلامة من هذا العور أولى، والحكمة من ذلك تشويه المنظر من وجه، وقلة الغذاء من وجه آخر، فتشويه المنظر ظاهر، وقلة الغذاء؛ لأنها لا تنظر إلا من جانب واحد، فيقل استيعابها للغذاء، فربما ترعى جانب الشجرة ولا ترعى الجانب الآخر. ويقاس عليها العمياء من باب أولى؛ لأنه إذا كان فقد العين الواحدة مانعاً ففقد العينين من باب أولى.
وقال بعض العلماء أهل الاستحسان بالعقول: إن العمياء تجزئ وإن كانت العوراء لا تجزئ؛ لأن العوراء إنما منع منها لكون رؤيتها ناقصة، ترعى من جانب واحد، أما العمياء فإن صاحبها سيأتي لها بالعلف فلا يلحقها نقص، فتكون كالبصيرة.
فيقال: هل هذه العمياء معيبة أو غير معيبة؟
الجواب: معيبة بعيب أقبح من العور، وهذا من باب قياس الأولى،فالصواب أن العمياء لا تجزئ.وهذا الثاني
العجفاء: وهي الهزيلة التي لا مخ فيها، فالمخ مع الهزال يزول، ويبقى داخل العظم أحمر، فهذه لا تجزئ؛ لأنها ضعيفة البنية كريهة المنظر، والهزيلة التي فيها مخ أي: لم يصل الهُزال إلى داخل العظم تجزئ؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «والعجفاء التي لا تنقي» ، قال العلماء: معنى «لا تنقي» أي ليس فيها نقيءُ، والنِقْي المخ، يقول أهل الخبرة: إنه إذا جاء الربيع بسرعة وكانت الغنم هِزالاً ورعت من الربيع فإنها تبني شحماً قبل أن يتكون فيها المخ، فهذه التي بنى الشحم عليها دون أن يكون لها مخ تجزئ، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «العجفاء التي لا تنقي» ، وهذه الآن ليست عجفاء، بل هي سمينة، لكن لم يدخل السمن داخل العظم حتى يتكون المخ، فنقول: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم وصفها بوصفين: عجفاء، وليس فيها مخ، وهذه ليست بعجفاء فتجزئ.
العرجاء ، المراد البين عرجها لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «والعرجاء البين ضلعها»
وهي التي لا تطيق المشي مع الصحيحة، فهذه عرجها بين، أما إذا كانت تعرج لكنها تمشي مع الصحيحة، فهذه ليس عرجها بيناً، لكن كلما كملت كانت أحسن.
والحكمة من ذلك أن البهيمة إذا كانت على هذه الصفة فإنها قد تتخلف عن البهائم في المرعى ولا تأكل ما يكفيها، ويلزم من ذلك أن تكون هزيلة في الغالب.
مقطوعة إحدى القوائم لا تجزئ من باب أولى، والزمنى التي لا تستطيع المشي إطلاقاً لا تجزئ، ولكن يقال: فيها ما يقال في العمياء، فالذين قالوا بإجزاء العمياء يقولون بإجزاء الزمنى؛ لأن الزمنى يؤتى لها بعلفها، ولكن هذا قول ضعيف، وخلاف القياس الصحيح؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ينبه بالأدنى على ما هو أعلى منه، فإذا كانت العرجاء لا تجزئ ـ إذا كان عرجها بيناً، فمقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين أو الزمنى التي لا تمشي إطلاقاً من باب أولى، أما كون العرج اليسير تجزئ معه الأضحية؛ فلأن هذا لا يسلم منه شيء غالباً فسمح فيه.
المريضة :لا تجزئ، ولكن هذا الإطلاق مقيد بما إذا كان المرض بيناً، وبيان المرض إما بآثاره، وإما بحاله.
أما آثاره فأن تظهر على البهيمة آثار المرض من الخمول والتعب السريع، وقلة شهوة الأكل، وما أشبه ذلك.
وأما الحال فأن يكون المرض من الأمراض البينة كالطاعون وشبهه، وإن كانت نشيطة، فإنها لا تجزئ، ولهذا قال علماء الحنابلة: إن الجرب مرض، مع أن الجرب لا يؤثر تأثيراً بيناً على البهيمة ولا سيما إذا كان يسيراً، لكنهم قالوا: إنه مرض بين، ثم إنه مفسد للحم فلا تجزئ.
فالنص قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «المريضة البين مرضها» .
والمعنى لأن لحم المريضة يخشى على الإنسان من أكله أن يتأثر به.
وأما المبشومة: وذلك أن بعض الغنم إذا أكل التمر انبشم، أي: انتفخ بطنه، ولم تخرج منه الريح، ولا يُعلم أنه سَلِمَ من الموت إلا إذا ثلط، أي: إذا تبرز، ولهذا نقول: المبشومة مرضها بيِّن ما لم تثلط.
المغمى عليها: بأن سقطت من أعلى فأغمي عليها فما دامت في إغمائها فإنها لا تجزئ؛ لأن مرضها بيِّن
مقطوع الألية: فإنه لا يُجزئ؛ لأن الألية ذات قيمة ومرادة مقصودة، وعلى هذا فالضأن إذا قطعت أليته لا يجزئ والمعز إذا قطع ذنبه يجزئ.
ولكن هنا إشكال وهو أن بعض أهل الخبرة يقولون: إن قطع الألية من مصلحة البهيمة؛ لأن الشحم الذي يتكدس في الألية إذا لم يكن لها ألية عاد إلى الظهر وانتفعت به البهيمة مع خفة البهيمة، وعدم تعرضها للتعب؛ لأن بعض الضأن تكبر أليتها جداً فيؤثر على رجليها من ثقل هذا الشحم، ولكن ظاهر كلام الفقهاء أنها لا تجزئ مطلقاً ـ أعني مقطوعة الألية .
العيوب المجزئة في الأضحية وإن كان أولى طلب الأفضل وهي مما رجحها الشيخ في الباب :
1ــ الهتماء هي التي سقطت ثناياها من أصلها، فإن انكسرت مع بقاء الأصل فإنها تجزئ؛ وذلك لأنها إذا ذهبت ثناياها من أصلها تشوهت خلقتها من وجه، وصارت غير مستطيعة لخرط الورق من الشجر؛ لأنها ليس لها ثنايا، فلا تكاد تأخذ حظها من الرعي، وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: الهتماء هي التي سقط بعض أسنانها ولم يقيد ذلك بالثنايا وما ذهب إليه المؤلف في الهتماء قول مرجوح.
والصواب أنها تجزئ، ولكن كلما كانت أكمل كانت أفضل؛ ووجه إجزائها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل ماذا يتقى من الضحايا، فقال: «أربع وأشار بيده» ، وليست الهتماء من الأربع، ولا بمعنى واحدة منها.
2ــ الجداء لا تجزئ أيضاً ( على قول المصنف رحمه الله ) ، والجداء هي التي نشف ضرعها، أي: مع الكبر صار لا يدر، فضرعها ناشف، حتى وإن كان الضرع باقياً بحجمه لم يضمر فإنها لا تجزئ، ولكن هذا القول مرجوح أيضاً؛ لأنه لا دليل على منع التضحية بها، وإذا لم يكن على ذلك دليل فالأصل الإجزاء، ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة أنها تجزئ.
3ــ العضباء هي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها طولاً أو عرضاً فإنها لا تجزئ ؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم «نهى عن أعضب الأذن والقرن» ، والنهي يقتضي الفساد وعدم الإجزاء، فإذا ضحى بعضباء الأذن أو القرن فإنها لا تجزئ.
وقال بعض العلماء: إنها تجزئ لكنها مكروهة، وهذا القول هو الصحيح؛ لأن في صحة الحديث نظراً، والأصل عدم المنع حتى يقوم دليل على ذلك، إلا أنها تكره؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمر أن نستشرف العين والأذن، وألا نضحي بالمقابَلة، ولا المدابَرة، ولا الخرقاء»
وأيهما أفضل ذات القرن أو الجماء؟
الجواب: ذات القرن، ولهذا جاء في الحديث: «بأن من تقدم إلى الجمعة كأنما قرب كبشاً أقرن» ، ولولا أن وصف القرن مطلوب لما وصف الكبش بأنه أقرن.
5ــ خصي غير مجبوب: الخصي ما قطعت خصيتاه، فيجزئ مع أنه ناقص الخلقة، وحينئذ يطلب الفرق بين الخصي وبين مقطوع الأذن، فإن مقطوع الأذن كما سبق لا يجزئ، فلماذا أجزأ الخصي مع أن الخصيتين فيهما منافع كثيرة، وهو الإنجاب والفحولة في البهيمة، ولهذا تجد الفرق بين الفحل والخصي، قالوا: لأن ذهاب الخصيتين من مصلحة البهيمة؛ لأنه أطيب للحم، وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه ضحى بكبشين موجوءين» ، أي مقطوعي الخصيتين.
فإن قطع الذكر مع الخصيتين؟ فقد قال المؤلف ـ رحمه الله ـ: «خصي غير مجبوب» ، أي: غير مقطوع الذكر، وذلك أن قطع الذكر لا يفيد في زيادة اللحم وطيبه، وهو قطع عضو فيشبه قطع الأذن.
والخصي بواحدة يجزئ من باب أولى، وعلى هذا فما قطعت خصية واحدة منه أجزأ وخصيتان أجزأ، ومع الذكر لا يجزئ؛ لأنه قال: «خصي غير مجبوب» .
فالجواب: نعم يمكن، وهذا كثير، لكن بشرط أن يكون المباشر لذلك من أهل الخبرة؛ لأنه قد يباشر الخصاء من ليس من أهل الخبرة فتهلك البهيمة، ـ وسبحان الله ـ هذا الأمر موجود من قبل أن تظهر وسائل الراحة الحديثة كالبنج وشبهه، لكن عرف بالتجارب، أما الآن فالأمر أسهل يمكن أن تخصى البهيمة بدون أن تشعر بألم إطلاقاً.
ما بأذنه، أو قرنه قطع أقل من النصف فإنه يجزئ لكن مع الكراهة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمرنا أن نستشرف العين والأذن، وألا نضحي بمقابَلة، أو مدابَرة، أو شرقاء، أو خرقاء» .
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «نستشرف العين والأذن» ، أي: أن تكون شريفة ليس فيها عيب أو نشرف عليها والمعنى الأول أصح.
وهذا مستثنى من قوله فيما سبق «والعضباء» ، فالعضب إذا كان أقل من النصف فلا يضر.
وعلى كل حال ينبغي أن نقسم العيوب إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما دلت السنة على عدم إجزائه، وهي أربع: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضَلَعها، والعجفاء التي لا تنقي، فهذه منصوص على عدم إجزائها، ويقاس عليها ما كان مثلها أو أولى منها، أما ما كان مثلها فإنه يقاس عليها قياس مساواة، وأما ما كان أولى منها فيقاس عليها قياس أولوية.
الثاني: ما ورد النهي عنه دون عدم الإجزاء، وهو ما في أذنه أو قرنه عيب من خرق، أو شق طولاً أو شق عرضاً، أو قطع يسير دون النصف، فهذه ورد النهي عنها في حديث علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ، ولكن هذا النهي يحمل على الكراهة؛ لوجود الحديث الحاصر لعدم المجزئ بأربعة أصناف.
الثالث: عيوب لم يرد النهي عنها، ولكنها تنافي كمال السلامة، فهذه لا أثر لها، ولا تكره التضحية بها ولا تحرم، وإن كانت قد تعد عند الناس عيباً، مثل العوراء التي عورها غير بيِّن، ومثل مكسورة السن في غير الثنايا وما أشبه ذلك، ومثل العرجاء عرجاً يسيراً، فهذه عيوب لكنها لا تمنع الإجزاء، ولا توجب الكراهة لعدم وجود الدليل، والأصل البراءة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
الاستفسار لاعضاء المدونة
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.